الشرطة كنظام أمنى ضمن البناء الإجتماعى
محاضرة للدكتور/ عونى قنديل
مدرس الإعلام الدولى
بالأكاديمية الدولية لعلوم
الإعلام
يعتبر الأمن حاجة أساسية للأفراد
،كما هو ضرورة من ضرورات بناء و تطور المجتمع و صمام أمان لبقائه، و مرتكز أساسي من
مرتكزات تشييد الحضارة ، فلا أمن بلا استقرار و لا حضارة بلا أمن ، و لا يتحقق الأمن
إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي و الحس الجماعي خاليا من أي شعور بالتهديد
للسلامة و الاستقرار ، فالإنسان يستشعر منذ ولادته حاجته إلى الاستقرار بصورة
غريزية و لا يهدأ باله إلا إذا شعر بالأمان والاطمئنان ، و عليه فحفاظاً على مسيرة
الحياة البشرية بصورة آمنة كان لزاما على جميع المجتمعات بذل كل الجهود للقيام
بالمسؤوليات المنوطة بها تجاه مواطنيها لتحقق لهم أكبر قدر ممكن من الأمن والاستقرار
من خلال إيجاد المؤسسات الأمنية و على رأسها مؤسسة الشرطة التي تحرص على رعاية قواعد
السلوك العام ، و العمل على عدم الخروج عنها، حتى أصبحت اليوم تشكل بحق
عماد سلطة المجتمع ، لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية
للمجتمعات فمن المسلم به أنها صارت تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع من خلال
القيام بواجباتها الأمنية للحفاظ على الأمن و الاستقرار ، و بما أن أفراد المجتمع
ومؤسساته هم من تقع عليهم مسئولية المشاركة مع المؤسسات الأمنية، فإنه من الواجب
عليهم دعم أمن المجتمع بصورة مباشرة وغير مباشرة كما يعتبر واجباً حتمياً عليهم أقره
الدين وكافة النظم والأعراف ، و في المقابل لابد أن تخرج المؤسسات الأمنية
عموما و الشرطة على وجه الخصوص عن نطاقها التقليدي والانخراط مع المجتمع وتقديم
خدمات اجتماعية له حتى يكتسب هذا الجهاز الأمني حب وتقدير كافة أفراد المجتمع.
النظرة السلبية لرجل الشرطة
للأسف
الشديد نجد أن بعض أفراد المجتمع لازال يأخذ فكرة خاطئة عن بعض المؤسسات
الأمنية - وخاصة الشرطة - على أنها أداة قمع وإرهاب للمجتمع، و أصبحت هذه الفكرة
تتوارثها الأجيال، فتسببت بشكل كبير في توسيع الهوة و تعميقها بين أفراد المجتمع و
مختلف المؤسسات الأمنية و على رأسها مؤسسة الشرطة .
إذ هناك من
فسر ذلك بوجود تعارض مصالح بعض المواطنين مع مقتضيات الواجب للشرطة، فرجل الشرطة كثيرا ما كان
يشكل سداً نفسياً أمام رغبات بعض المواطنين التي قد تتعارض مع مصالح المجتمع، لذلك يشعر
المواطن أن الشرطة تقف سداً أو حاجزا ضد تحقيق رغباته غير المشروعة، وهذا يشكل
حاجزاً نفسياً بينه وبين الشرطة.
و هناك من يرى أن طبيعة وظيفة جهاز
الشرطة في الدول المتقدمة تتمثل في منع الجريمة والوقاية منها، أما في الدول النامية
فهي أداة للتغير الاجتماعي والتنمية، وهذا ما يجعل مجالات الاحتكاك أكثر، و بالتالي
تزداد العلاقات مع المواطنين تعكيراً .
فالدور
الذي تقوم به المؤسسات الأمنية هو تطبيق القانون، و التي هي بمثابة قيود على حريات الأفراد، بالتالي
فإن هناك شعوراً بالكراهية نوعا ما سيتولد لدى أفراد المجتمع ضد رجال الأمن ، و هذا ما
حدث بالفعل لما استخدمت أجهزة الشرطة بعض الفترات كوسيلة لتقييد حرية المواطنين و
قمعهم ، حتى أنه أصبحت رؤية بعض أفراد الشرطة يولد الشعور بالعدائية، و قد
ارتبطت صورة الشرطي لدى الموطن بصورة الرجل المستبد في كبت الحريات وإرهاب الناس).
كما أن
المواقف التي تحدث يوميا و باستمرار بين أفراد المجتمع وأفراد
المؤسسات الأمنية غالباً ما تكون غير سارة بالنسبة لأفراد المجتمع، كونهم يوقعون
الجزاء عليهم لمخالفاتهم وخاصة رجال المرور ، و أن تضامن رجال المؤسسات الأمنية مع
بعضهم البعض لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للقبض على المتهمين من أفراد المجتمع ،
يجعل ذلك التضامن ذا أثر سلبي لدى أفراد المجتمع في مواجهة أفراد المؤسسات
الأمنية بصفة عامة و على رأسها مؤسسة الشرطة و هذا يعكس إظهاراً كاملاً لسلطة رجل
الشرطة وفي نفس الوقت يقوي عنصر التضامن مع زملائه الآخرين لمواجهة ذلك التحدي ،
بإضافة إلى عدم اقتناع بعض أفراد المجتمع بأهمية التعاون مع رجال المؤسسات
الأمنية، فتدخل رجال الأمن في بعض الحالات التي تخص السلوك العام كالتدخل في أماكن
اللهو والتجمعات حيث يتعمد المنحرفون الإساءة لهم .
|